
تونس -أونيفار نيوز-حلقة جديدة في مسلسل التصعيد الديبلوماسي الذي تعيش على وقعه العلاقات بين الجزائر و فرنسا في الأشھر الأخيرة وقع تسجيلھا في الساعات الأخيرة. دعت وزارة الخارجية الجزائرية القائم بأعمال فرنسا لديھا و سلمتھ مذكرتين شفوتين .
تتعلق الأولى بقرار الجزائر نقض اتفاق سنة 2013 و المتعلق بالإلغاء المتبادل من التأشيرات لأصحاب الجوازات الديبلوماسية أو جوازات المھمة .
و حرص بيان وزارة الخارجية الجزائرية على التنصيص على أن الإلغاء ” يتجاوز التعليق المؤقت إلى انھاء وجود الإتفاق ” . التنصيص ھو رسالة مبطنة لفرنسا تشير إلى أن السلطات الجزائرية لن تكتفي بالمعاملة بالمثل بل تتجاوز ذلك إلى خطوات استباقية بعد أن اكتفت فرنسا في السابق بتعليق الاتفاق. مسألة الأسبقية لافتة في ھذا الإطار بعد أن تم تسريب وثيقة رسمية فرنسية منسوبة للرئيس ايمانويل ماكرون تؤكد أن فرنسا مرت إلى مرحلة إلغاء اتفاق 2013. الخطوة الاستباقية المتقدمة تتمثل في سحب كل الامتيازات ” العقارية ” التي كانت تتمتع بها المباني التي تستعملھا السفارة الفرنسية و المصالح الملحقة بھا .
ھنا كان بيان الخارجية الجزائرية حريصا على ان ذلك يتم ضمن قاعدة المعاملة بالمثل لأن البعثة الديبلوماسية الجزائرية لا تتمتع بامتيازات ” عقارية ” في فرنسا. من جھتھا المذكرة المنسوبة للرئيس الفرنسي تحافظ على لغة ديبلوماسية حين تدعو وزير الخارجية الفرنسي جان نوال بارو لمواصلة العمل لتجاوز الازمة و تدعوه للبقاء ” مجندا” و اجراء حوار ” مجدي و صارم ” تسوده ” المسؤولية ” حول ترحيل المجرمين الجزائريين إلى بلاد ھم مع التأكيد على ضرورة ” تغليب مصالح فرنسا و الفرنسيين” .
واضح أن حوار ” الطرشان ” الذي طبع لقاءات المسؤولين بين البلدين في الأشھر الماضية لم يكن مثمرا لأن ثقل تركة الماضي قد انضاف اليه اختلاف كبير في استراتيجيات بناء المستقبل . اختارت فرنسا أن تراھن على التحالف مع المغرب و ھو الأخ/اللدود للجزائر، فأجابت الجزائر التوجه نحو إيطاليا التي تنافس فرنسا في الزعامة و النفوذ في إفريقيا و المتوسط و أوروبا. فتحت الجزائر قنوات التواصل مع واشنطن و ھي التي تدرك أن الفتور ھو الطاغي في الفترة الأخيرة على علاقة البيت الأبيض بالاليزيه.
يبدو أن الحسابات الإقليمية طغت على حسابات الحاجة المتبادلة بين الجزائر و فرنسا. يضاف إلى ذلك أن كل أزمة بين الجزائر و فرنسا ھي بالدرجة الأولى مسألة داخلية لكل دولة من الدولتين . مشاعر الكراھية لفرنسا تبقى فاعلة لدى قطاعات واسعة من الرأي العام الجزائري ، و مشاعر ” الحسرة ” على الخروج من الجزائر حاضرة في وجدان قطاعات من الرأي العام الفرنسي و يزيدھا حضور جالية جزائرية كبيرة و ناشطة في التراب الفرنسي توھجا . يضاف إلى ذلك أھمية ” الأزمات الدورية” بين البلدين في خدمة ” شعبية ” الساسة في الجزائر و فرنسا.
سياق الأزمة الحالية و خاصة شعور الجانبين ، و بدرجة أكبر النظام الجزائري بالاستھداف إلى جانب تقلص ھامش المناورة الإقليمية يمكن أن يجعل الأزمة تتحول إلى قطيعة ديبلوماسية ….امكانية واردة و يمكن أن تتجسد في الأسابيع القادمة