منذ سنة 1989، التزمت تونس بوقف تطبيق عقوبة الإعدام، وتقيدت سنة 1991 بقرار الأمم المتحدة بشأن وقف الإعدام، بالرغم من أن الأحكام لا تزال تصدر في المحاكم التونسية، إلا أن تبقى على الورق دون تفعيل على أرض الواقع.
الرئيس والفايس بوك
ومع تتطور وتيرة الجرائم الشنيعة خلال الأيام القليلة الفارطة في تونس، تتعالى عديد الأصوات سواء من النخبة أوالعموم بضرورة تطبيق الإعدام، ليزيد الطين بلّة تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد “من قتل نفسا بغير حق جزاؤه الإعدام”. تصريح ساير فيه الرأي العام في لحظة غضبه، ضاربا بذلك الاتفاقيات الدولية وبيانات المنظمات المعنية بحقوق الإنسان الوطنية والعالمية المتبنية موقف إيقاف الإعدام.
رئيس الجمهورية يبدو أنه اليوم يعمل على إرضاء الشعب الفايسبوكي أكثر من العمل واقعيا أو البحث عن السبل الكفيلة لإصلاح المجتمع من هذه الجرائم، بالرغم من أنه لا يمكنه فعل شيء ويصعب عليه تطبيق الإعدام وتنفيذه، فلو كان ذلك، لأعلن صراحة أنه مع تنفيذ الإعدام ولا يلمح بذلك.
لماذا الإعدام ؟
عقوبة الإعدام تم الغائها في كافة الديمقراطيات المتقدمة حتى تلك الدول التي كانت سباقة في صناعة عمليات الاعدام والتفنن فيها كبريطانيا على سبيل المثال، حيث عالجت الإجرام بوسائل متقدمة تمكنت من خلالها من تقليص في نسب الجريمة. الإعدام عقوبة غير إنسانية وهي عقوبة قصوى إذا نفذت لا يمكن التراجع فيها حتى ولو ثبتت براءة المتهم بعد سنوات. كما أن الإعدام يتناقض مع مدنيّة الدولة لأن الدولة المدنيّة لا تزهق الأرواح، وأيضا فإن تطبيق عقوبة الاعدام يعتبر انكارا للحقّ في الحياة، وهو أيضا بمثابة التشريع للعنف لا وسيلة للردع، واعتماد مبدأ الانتقام العين بالعين والسن بالسن.
الجميع يتفهم غضب عائلات الضحايا وتشنج الرأي العام، إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار فإن تشريع الإعدام في بعض الجرائم، أو استثنائها سيشرع أيضا إلى تنفيذ عقوبات على نفس الشاكلة باعتماد الشريعة أو أن يتم تحويل وجهتها لأغراض أخرى، زد على ذلك فإن تونس ستخسر بذلك عديد التمويلات التي تتحصل عليها من قبل الدوائر العالمية.