يوجد إلى حد اليوم قرابة 244 حزبا في تونس، في المقابل، نجد أن عدد الأحزاب الناشطة فعليا لا يتجاوز عددها العشرة، وهي الممثلة تقريبا في مجلس نواب الشعب.
في حين أن البعض منهم وبالرغم من امتلاكه لقاعدة شعبية محترمة نوعا ما، إلا أنها اندثرت بعد خسارتها في انتخابات 2019 كالجبهة الشعبية على سبيل المثال.
في نفس السياق، فإن المشكل الأساسي يكمن في أن نزيف تأسيس الأحزاب، لا يقابل حقيقة العمل السياسي، باعتبار أن جميعها تقريبا لا تظهر إلا حين يقترب موعد الانتخابات، حتى أن البعض منهم سعى إلى لمّ شمل عائلته من أجل تكوين حزب، وفتح مستودع محاذ لمنزله في شكل مقر. أحزاب “ديكور” ظاهرة تكوين الاحزاب الطفيلية، انطلقت مع حزب التكتل في عهد “الترويكا”، حين انسلخ عنه العديد من القيادات، كالطاهر هميلة وصالح شعيب والأسماء كثيرة.
فبعدما اعتقدوا أن لهم وزن و ظنوا أنّ بإمكانهم تأسيسي حزب ولعب أشواط متقدمة في الاستحقاقات الانتخابية، لكنهم فشلوا حتى في جمع عدد الانخراطات المطلوبة ومع ذلك فإن هذه الأحزاب لا تزال متواجدة فعلي ضمن القائمة الرسمية. من جهة أخرى، هناك من الأحزاب كنا نعتقد أنها “كبرى”، ونتخذ من الاتحاد الوطني الحر مثالا على ذلك، فهذا الحزب التجاري يفتتح مكاتبه الجهوية في مختلف مناطق الجمهورية قبل الحملات الانتخابية، ثم يغلقها مباشرة بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات، ويغيب عن الساحة دون عقد مؤتمر أو حتى التصريح بمكاسبه وتقديم ملفاته المالية او الكشف عن تمويلاته. لماذا لا يتم حل الاحزاب غير الناشطة؟
من حق أي شخص أن يقوم بتأسيس حزب، لكن في المقابل، يوجد قانون واضح وصريح ينظم الاحزاب والجمعيات، وقانون آخر يتعلق بالتصريح على المكاسب.
لكن في المقابل، فإن أغلبها لا يطبق القانون، فـ 70 بالمائة منهم لا ينشطون على أرض الواقع، أي قانونيا يجب عقد مؤتمر ومراسلة رئاسة الحكومة بالتركيبة الجديدة لأعضاء الحزب والتدقيق المالي وغيرها من الأمور الإدارية.
وهنا نتساءل عن السبب الحقيقي الذي يقف وراء عدم تحيين قائمة الأحزاب، ولماذا لم يتم حل الأحزاب التي لم تلتزم بالقانون باعتبار أنه في هذه الحالة سيبقى لنا سواء 10 احزاب تقريبا، إن لم نقل أقل. ومع الأسف فإن كل هذه الأحزاب التي تغرد خارج السرب، وبالرغم من أنها غير متواجدة في الحكم، إلا أنها عوض أن تستعد لخوض الاستحقاقات القادمة وتهتم بمشاغل المواطنين وكسب ثقتهم، فإنها بقيت مجرد أسماء ولافتات تنتظر الفرصة السانحة للمتاجرة بالسياسة وقبض الثمن.