أثرياء كورونا، هكذا أطلق عليهم في وقت يعاني فيه الاقتصاد التونسي من مخاطر محدقة، حيث استغل بعض المحتكرين وأصحاب البطون الكبيرة من أجل البحث عن الثروة والسيطرة على السوق المحلية. وفي ظل انهيار الاقتصاد المحلي بسبب تأثير جائحة كورونا على العالم بأسره، وتفاقم الأزمة الصحية في جميع دول العالم، تجد منتجات أخرى رواجا كبيرا وطلبا واسعا لازدياد الحاجة إليها.
تجارة رابحة
تجارة رابحة بدأت تلقى رواجا كبيرا في ظل هذه الأزمة العالمية، وهي المسلتزمات الطبية وشبه الطبية ومستلزمات الوقاية من فيروس كورونا (كمامات وقفازات ومطهر ومعقم وشتى أنواع أدوات التنظيف والتعقيم).
الخوف من كورونا وهاجس الإصابة بهذا الفيروس، دفع المواطنون إلى استهلاك هذه المنتجات بشكل كبير وغير مسبوق. هذه العوامل، سرعان ما فتحت بطون الحيتان الكبيرة للاقتصاد، الذين استغلوا هذا الظرف وانطلقوا في تصنيع هذه المواد دون حسيب أو رقيب، من ثم ترويجها في الأسواق بأسعار منافسة. وبهذا مثل الفيروس من وباء إلى انتعاش اقتصاديا مثاليا لبعض المؤسسات الرسمية والخاصة في تونس. ومثل سوق الكمامات أيضا طوق نجاة لهذه المؤسسات، بعد ان كانت تنتج لفائدة ماركات عالمية في الخارج بنسبة 44 %حسب ما كشف عنه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات.
صناعة الكمامات
لعل أبرز الأثرياء الذين نتحدث عنهم هنا، مصانع “الكمامات” الطبية منها والمصنوعة من القماش، حتى أن البعض أصبح يتفنن في تصميمها بالزينة ومختلف الألوان، أو وضع شعار فريقك المفضل. لكن في المقابل، لم تخل مثل هذه التجارة من الشبهات أو الفساد، وهو ما فتح السوق على مصراعيه حتى بلغ سعر الكمامة الواحدة في الصيدليات التونسية إلى حدود 2500 مليم. في نفس السياق أكد عديد أصحاب مؤسسات النسيج انهم استفادوا من السوق المحلية لانتاج الكمامات، حيث تحولت المصانع بنسبة 100 % من انتاج الملابس الجاهزة الى انتاج الملابس الوقائية والكمامات.
هنا لا يمكننا الحديث عن تجارة الكمامات، دون الحديث عن قضية صفقة الكمامات المشبوهة بين وزير الصناعة في حكومة الياس الفخفاخ صالح بن يوسف وأحد نواب البرلمان جلال الزياتي الذي يعتبر من بين أحد رجال الأعمال في مجلس النواب، مثلت هذه الصفقة “تضارب المصالح بين العمل الشخصي والسياسي” حتى باتت جائحة كورونا من آفة تتغلغل في العالم، إلى نعيم فسيح تنعم به فئة معينة.
التلاعب بصحة المواطن وجيبه
لم تقتصر الشبهات على صناعة الكمامات فقط، بل تطورت إلى حد التلاعب بمساعدات الفئات الفقيرة، حيث كشفت مصادر رسمية عن وجود بعض المسؤولين المحليين، قاموا بالاستيلاء على مساعدات مالية أو مواد غذائية وأساسية كانت موجهة للمحتاجين، زمن الحجر الصحي الشامل، أو احتكار بعض المواد الأساسية من أجل المضاربة بها في السوق التونسية. وهنا لا يفوتنا أن نذكر تلك القضية التي تناساها البعض، قضية توزيع كميات مادة السميد مقابل حرمان مناطق أخرى من الحصول عليها. وتم حينها إيقاف معتمد قلعة السنان من ولاية الكاف لمساعدة أحد تجار الجملة للحصول عليها. وأكدت هيئة مكافحة الفساد تلقيها إشعارات بالتبليغ عن شبهات استيلاء مستشارين بلديين على تبرعات وتوزيع مسؤولين محليين للمساعدات بالمحاباة أو التلاعب بالمساعدات والتبرعات وشبهات استغلال النفوذ بهدف احتكار البضائع.
من جهة أخرى، فإن الثراء غير المشروع والفساد وسيطرة بعض البارونات لا حدود لها، فصحة المواطن باتت اليوم مسألة ثانوية أمام المال والأعمال. وهنا يجب أن نذكر ما جاء في تقارير هيئة مكافحة الفساد وبعض المنظمات الأخرى، وجود البعض من الإطارات المحلية في قطاع الصحة استولوا على أجهزة ومواد طبية كانت في الأصل تبرعات للمستشفيات التي يديرونها. وأفادت الهيئة استنادا إلى مصادرها بوجود شبهة تلاعب في صفقة شراء التحاليل السريعة التي أعلنت عنها الصيدلية المركزية.
غياب المحاسبة والرقابة
فيما يخصّ انتفاع الموظّفين بمنحة العائلات المعوزة، بيّن وزير الشؤون الاجتماعية الحبيب الكشو، أنه سيتمّ استرجاع المنح التي صرفت لغير مستحقيها، لكن إلى اليوم لم نر أي شيء من هذا القبيل.