كتب الأستاذ عبد الرؤوف الباسطي المسرحي و اخر وزير ثقافة في عهد بن علي تعليقا عن رحيل الرئيس الباجي قايد السبسي أعتبر فيه أن الذين سعوا لعزل الرئيس سارعوا لتأبينه و التباكي عليه معتبرا أن محاولتهم كانت من باب قتل الأب و هذا ما لن يغفره الشعب التونسي و جاء في تدوينته:
“سيادة الرئيس المحبوب حبا فاجأهم و الراحل رحيلا أربكهم
الآن و قد مر أسبوع على استرخاء جثمانك هامدا هادئا في قرار مكين على مشارف المغارة الشاذلية،
الآن و قد خفت هدير جوق المؤبنين و معددي المناقب و الخصال الذين كان البعض منهم ينادي بعزلك في الأمس القريب و الراكبين على حدث وفاتك لإعادة التموقع ضمن مشهد سياسي متقلّب متحوّل تحوّل الرمال المتحركة ،
الآن و قد تحقق لك ما كنت تحلم به إبان سعيك إلى قصر قرطاج : جنازة مهيبة تثأر بها لبرقيبة و تليق برئيس منتخب في دولة “فتيّة” استطاعت أن تحافظ على صورتها “كتلميذ نجيب” في مدرسة الديمقراطيّة،
الآن و قد بدأت تعلو أصوات الباحثين عن الغنيمة ،
أقول لك همسا إنني قد بكيت كطفل يوم جاءني نعيك و فاجأتني غصّتي في ذالك اليوم .فاجأتني غصتي رغم أنني كنت ممن ساهموا في حملتك الانتخابيّة سنة 2014 بل إنني قد علّقت حينها ، عن مضض ، قرار انسحابي من كل عمل سياسي للمساهمة في حملة النداء و حملتك لأنني كنت شديد الاقتناع بأهمية المشروع الذي كنت أظن أنك تدافع عنه
فاجأتني غصّتي رغم أنني كنت قد سارعت بالعود إلى قرار اعتزال العمل السياسي فور انتخابك رئيسا و فضلت آنذاك عدم الإفصاح عن خيبة أملي و تحفّظي على قرارك التوافق مع حركة النهضة و كنت أعتبر ذلك القرار خطأ استراتيجيا . ربما كنت مخطئا في تحفّظي ذاك كما قال بعض الأصدقا ء آنذاك . و ليس هذا الأهم اليوم فالتاريخ وحده سيثبت صواب قرارك أو وجاهة تحفظي الذي ما يزال قائما في خاطري.
الأهم من كل هذا و ذاك هو ما أريد اليوم أن أهمسه لك همسا و أنت نائم على مشارف المغارة الشاذلية : إن جلّ أبناء شعبك ، و أنا منهم ، قد بكوك لأنهم لم يتخلصوا من “عقدة إلكترا” . فنحن شعب لا نقوى على العيش في غياب ” الأب الزعيم ” . فلقد هرعنا إلى أحضان البرقيبية يوم ذعرنا من تهديد الإسلام السياسي و التطرف لمشروع الدولة الحداثيّة رغم أن البعض منا كان يشكو من ” أفضع أشكال الاضطهاد في عهد الأب المؤسس.
إننا شعب لم يتخلص من عقدة إلكترا الفرويدية و أظن أننا لن نتخلّص منها في وقت قريب . و ليت الذين يعانون من ” عقدة أوديب” في وطننا يفهمون أن شعبنا هذا لن يغفر لهم “قتل الأب” سياسيا مهما تظاهروا اليوم بالندم و لو أوهموه بفقإ الأعين .
فهل من مذّكر ؟”