-
هل أنتهت منظومة 14 جانفي…!!؟؟
تونس/الوسط نيوز – كتب مصطفى المشاط
لأول مرة منذ سقوط النظام السابق في 14 جانفي 2011 تغيب مصطلحات “أستحقاقات الثورة” و “الحرية و الكرامة” و “الفساد” عن خطاب رسمي فهذه المصطلحات المفاتيح التي كان يستعملها الرؤساء و رؤساء الحكومات بما فيهم التجمعيون من فؤاد المبزع و الباجي قايد السبسي و غير التجمعيين من علي العريض وحمادي الجبالي و منصف المرزوقي و الحبيب الصيد و يوسف الشاهد و الياس الفخفاخ إذ يبدو أن هشام المشيشي تعمد أستبعاد هذه المصطلحات التي لم تعد تثير أهتمام الشارع التونسي و لا تستقطبه بعد عشر سنوات من الأخفاق الأقتصادي و الأجتماعي الذي أقر به رئيس الحكومة المشيشي في توصيفه لعشر سنوات من “الثورة”.
خطاب المشيشي مثل منعرجا في الخطاب السياسي منذ عشر سنوات و قد تأكد اليوم بأستقالة محمد عبو من الحياة السياسية و أنسحابه من حزب التيار الديمقراطي و هو الذي كان من أبرز معارضي بن علي وعاش السجن وخاط فمه في سابقة لم تعرفها تونس و ربما العالم العربي وكان رافعا لشعار مقاومة الفساد الذي جعل منه مشروعه السياسي و ترشح لرئاسة الجمهورية و حصل حزبه على عدد محترم من المقاعد في مجلس نواب الشعب لكنه أختار الانسحاب بعد أن أتهم هو نفسه بالفساد و في هذا أقرار بالفشل.
عبو ليس أول من أستقال من الحياة السياسية إذ سبقه لذلك منصف المرزوقي رفيقه في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أعلن أنسحابه من الحياة السياسية و أستقال من الحزب الثاني الذي أسسه وهو الحراك كما أندثر حزب مصطفى بن جعفر التكتل الديمقراطي الذي كان الشريك الثاني لحركة النهضة في حكومة الترويكا و هو نفس المصير الذي أنتهى إليه الحزب الجمهوري وريث حزب التجمع الديمقراطي التقدمي الذي أحتضن الأسلاميين و كان يتصدر المعارضة الشرسة لبن علي إذ لم يفز بمقعد واحد في أنتخابات 2019 اما في أنتخابات 2014 فقد فاز بمقعد يتيم كما أندثر حزب المسار وريث حركة للتجديد الذي لم يفز بمقعد واحد لا في أنتخابات 2014 و لا في 2019 كما أنتهى نجيب الشابي الذي تزعم المعارضة زمن بن علي و كان مرشحا لدور أساسي في مرحلة ما بعد النظام السابق و كذلك أنتهى بعض الحقوقيين الذين عارضوا بن علي مثل مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الأنسان و لم نعد نسمع شيئا عنه كما فقدت الأحزاب اليسارية التي ألتقت في الجبهة الشعبية في أنتخابات 2014 حضورها في مجلس نواب الشعب إذ أنقسمت إلى شقين ولم يفز منها إلا منجي الرحوي عن الوطد الموحد اما حزب العمال بزعامة حمة الهمامي و التيار الشعبي فقد خسرا المعركة .
في المقابل نلاحظ صعودا لافتا الحزب الدستوري الحر وريث للتجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم منذ الأستقلال الذي أطاحت به “الثورة” و لا ينافسه الآن إلا حزب حركة النهضة و هو ما يعني أن المشهد السياسي في البلاد عاد إلى جذوره الأصلية فمنذ القرن التاسع عشر تعيش تونس بين قطبين القطب الأصلاحي التحديثي الذي مثله عدد من الزيتونيين المستنيرين مثل سالم بوحاجب و الشابي و الطاهر الحداد و بعض النقابيين مثل محمد علي الحامي وعمقه الحبيب بورقيبة في لحظة الأنشقاق عن الحزب الدستوري القديم الذي تزعمه الثعالبي و دعمه بعض شيوخ جامع الزيتونة الذين مثلوا الشق المحافظ الذي ورثته حركة النهضة منذ تأسيس الجماعة الأسلامية في أواخر الستينات التي تطورت فيما بعد لتصبح الأتجاه الأسلامي بداية من عام 1980 ثم حركة النهضة التي تمثل ااشق المحافظ في الشارع التونسي.
فالمعركة بين الدستوري الحر الذي نجح في سحب البساط إلى حد الآن مما يسمى بالعائلة الوسطية ونجح في إدارة المعركة مع حركة النهضة التي تمثل أمتدادا المحافظين الزيتونيين أما بقية القوى السياسية من يسار و قوميين بشقيهما الناصري و البعثي فلا مكان لهم خارج هذه المعركة وعليهم تحديد تحالفتهم التي يفترض أن تكون مع من يشاركهم الرؤية الأجتماعية و الثقافية و الدولة المدنية.
و الأنتخابات القادمة سينحصر فيها التنافس بين الدساترة الذين سيساند أغلبهم الدستوري الحر حتى دون الأنتماء إليه و الأسلاميين أما بقية القوى فستكتفي بدور المشاركة أو الملاحظة!