لا يمكن المرور على احتفالات عيد الجلاء التي تقام بمدنية بنزرت، دون الوقوف على سذاجة السلط المحلية في المنطقة، ومن الممكن أيضا أن نطلق عليها “استبلاه” و”غباء”. فقد ارتبط عيد الجلاء بنظافة الشوارع والزينة حتى يعتقد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب أن مدينة بنزرت لا تعاني من مشاكل بيئية ولا اهتراء لبنية تحتية، وأن شوارعنا اجمل من شوارع المانيا.
تضليل وتزييف
هذه الممارسات والتضليل وتزييف الحقيقة، لا تقتصر على السلط المحلية فقط بل حتى الرئاسات الثلاث، فهم يعرفون ذلك تمام المعرفة ويشجعون عليها حتى أنهم قد يمولوا هذه الأعمال. وبالرغم من ان الصور والفيديوهات انتشرت فعلا على مواقع التواصل الاجتماعي توضح كيفية تزييف الواقع، للاسف فان الطبقة السياسية في تونس تعشق المظاهر والصور اكثر من التفكير عميقا في ان تكون شوارعنا في حلة بهية يوميا ولا ننتظر عيدا اخر من اجل تنظيف الشوارع.
ظواهر غريبة
ومن المضحكات المبكيات ان الزينة اقتصرت على الطرقات التي سيمر منها الرئيس فقط، حيث تم طلاء الجهة اليمنى للشارع الذي سيمر منه الرئيس دون الجهة المقابلة على سبيل المثال. السذاجة لم تقف إلى هذا الحد، بل تم أيضا طلاء الأعشاب وأوراق الأشجار وزرع أشجار النخيل وقتيا يتم إزالتها مباشرة مع انتهاء مراسم الاحتفال، في ظاهرة غريبة تميزت بها تونس عن سائر بلدان العالم.
احتفالات عيد الجلاء تمثل رمزية تاريخية وذكرى جميلة في ذاكرة الحركة الوطنية، لكن ما يفسدها دائما مثل هذه المظاهر الخداعة، والضحك على الذقون، دون خجل او احترام لاهالي المنطقة وللشعب التونسي عموما، حيث كان من الافضل استغلال هذا الظرف من أجل البحث عن كيفية الاستفادة من الشخصيات التاريخية الوطنية والعمل على ترسيخ التاريخ وعدم الركوب على الأحداث.