أتابع منذ سنوات ومنذ أن أصبحت الفضائيات العربية متاحة عبر اللاقط الهوائي الذي مكننا من متابعة مئات الفضائيات شرقا وغربا وخاصة الفضائيات العربية في شهر رمضان وأبرز ما يمكن أستنتاجه في مقارنة بين الفضائيات التونسية والعربية هو تغييب تاريخ تونس مقابل أحتفاء الفضائيات العربية وخاصة المصرية والسورية بتاريخ مصر وسوريا .
فعشرات المسلسلات أنتجت في مصر عن ثورة 1919 وعن ثورة يوليو وهزيمة 67 وحروب المخابرات المصرية في تصديها للموساد وعن جماعة الأخوان وجرائمها وعن رموز الثقافة المصرية من العقاد إلى قاسم أمين إلى طه حسين وأم كلثوم وغيرهم أما في سوريا فقد أنتج مسلسل شهير عن نزار قباني وأقتبست عديد المسلسلات عن أعمال حنة مينة وزكرياء ثامر وسعد الله ونوس وممدوح عدوان ومحمد الماغوط .
في تونس وبأستثناء بعض الأعمال التي كتبها الروائي عبد القادر بالحاج نصر والشاعر علي اللواتي لا نجد أي حضور للروائيين والقصاصين الذين أثروا المكتبة التونسية مثل البشير خريف ومحمد الباردي رحمهما الله وحسن نصر وحسنين بن عمو وحسونة المصباحي وحسن بن عثمان وعروسية النالوتي وغيرهم من كتاب كان يمكن الأستفادة من أعمالهم وتحويلها إلى الشاشة الصغيرة بأستثناء تجارب صغيرة تعد على أصابع اليد.
وفي الحقيقة ليس الكتاب فقط هم المغيبون فالدراما التونسية تتجاهل التاريخ الثقافي والأجتماعي فلا صليحة ولا جماعة تحت السور ولا الشابي ولا زبيدة بشير جديرون بمسلسلات تؤرخ لهم وهي ظاهرة تختص بها الدراما التونسية للأسف بل الأسوأ حدث قبل عامين عندما تم مسخ تاريخ الحركة الوطنية في مسلسل على القناة الوطنية لحساب رؤية قاصرة ترذل قادة الحركة الوطنية بناة الاستقلال .
فمتى يصبح التاريخ التونسي ولحظاته المضيئة ركنا أساسيا في رؤية مؤسسة التلفزة العمومية على الأقل ؟!