تونس – أونيفار نيوز سجّل الحرس البحري في الليلة الفاصلة بين يومي 6و 7 أكتوبر أكثر من عشرين محاولة لأجتياز الحدود البحرية وكانت مدينة جرجيس قد شهدت قبل أيام مأساة ذهب ضحيتها حوالي خمسة عشرة من شباب المدينة من بينهم نساء وأطفال في محاولة لأجتياز الحدود البحرية لم تنجح وانتهت بغرق مركبهم قبل مغادرة المياه الإقليمية التونسية .
إن الحرقة ملف شائك تتداخل فيه أطراف عديدة بل مافيا دولية تتاجر بالبشر وتمتد خيوطها من شمال المتوسط إلى جنوبه إلى العمق الأفريقي وقد تحولت تونس للأسف خلال العشر سنوات الأخيرة إلى نقطة أرتكاز بين الضفتين.
هذا البعد الدولي لقضية الحرقة لا يخفي خصوصية الحالة التونسية وهو ما يعنينا اليوم؛ ففي سنوات التسعينات والى حدود 2011 كان معظم الذين يختارون “الحرقة” من الشبان العاطلين عن العمل ومن عائلات فقيرة سدت أمامهم أبواب الرزق وفقدوا الأمل في الحياة الكريمة وكانت السلطة تراقب الحدود البحرية بصرامة ومعدّل الرحلات التي تنجح في الوصول إلى التراب الإيطالي قليل مقارنة بالرحلات التي يتم أحباطها .
أما في السنوات الأخيرة فقد تغيّر الحال وصارت “الحرقة “حلم العدد الكبير من التونسيين فنجد عائلات كاملة تغامر بحياتها وحياة أطفالها للوصول إلى إيطاليا ومن كل الفئات أيضا فهناك موظفون وتجار ورياضيون وإذا أضفنا لهذا المسلك “الانتحاري “المسلك الثاني للهجرة عبر تركيا وصربيا والنمسا -وهذا المسلك ناشط خاصة في الجنوب الشرقي وتكلفته تصل إلى العشرين ألف دينار -فإننا نصبح أمام حالة “فرار جماعي” من تونس !
لقد أصبح عدد كبير من التونسيين يحلمون بمغادرة البلاد وليس مهما الطريقة ولا مصاعب الوصول التي يستوي فيها أمل النجاة بقدر الموت .”المهم الفرار “من تونس !
إن “الحرقة “اليوم في تونس أصبحت بمثابة “الموت الرحيم” بسبب غياب الأمل بعد عشر سنوات من الأوهام التي روجّها سياسيو الصدفة من الذين حكموا البلاد مع تجّار الدين .
وفقدان الأمل هو أسوأ ما يمكن أن تصاب به الشعوب، وقبل أيام من الذكرى الثانية عشرة لما سمي ب”ثورة الحرية والكرامة” لم يجن التونسيون إلا فقدان الأمل في كل شيء حتى أن الموت أصبح أرحم من حياة الفقر والحرمان وجحيم الأسعار بل فقدان المواد الأساسية من البنزين إلى الخبز إلى الحليب.
فمن سيعيد للتونسيين الأمل ؟!