يستقبل التونسيون رمضان قبل أيام من قدومه فتزداد الحركة و الحيوية في الشوارع وتنشط الأسواق والمحلات التجارية، لكن شهر رمضان لهذه السنة يختلف عن بقية الأعوام، نظرا للظرف الذي تعيشه البلاد مثلها مثل سائر بلدان العالم وسط تفشي فيروس كورونا الذي فرض على التونسيين ملازمة منازلهم.
الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد لم يمنع المواطن التونسي من المحافظة على عاداته وتقاليده، بالرغم من انه حرم من بعضها، كالتسابق للحصول على كرسي في مقهى الحومة التي يقصدها اثر “شقّان الفطر” و “الشيشة” التي يدخنها و هو يشارك أصحابه “طرح شكبّة” بالاضافة إلى المسامرات الليلية و الحفلات و التظاهرات التي تمّ الاستغناء عنها.
الحركة عادية في الشوارع و كأننا لسنا في زمن الكورونا، عم علي ينادي بأعلى صوت و هو يبيع خضره التي جفّت بجفاف ريقه، الحاجّة يمينة تبيع خبز “الطابونة” بعد أن تحصلت على كمية من “السميد” خلسة، لا يفوتكم أننا وصلنا لمرحلة الحصول فيها على سيجارة زطلة أسهل بكثير من شراء بعض الكيلوات من الفارينة و السميد.
لا ننسى الخالة سعاد و هي تبيع ما تيسّر من الملسوقة والحمص وبعض البقول “المنفخّة” علّها تجمع آخر النهار قوت يومها لتعود ببعض من “الزلابيا” لأطفالها.
هي عادات استأنس التونسي أن يعيشها و يعايشها مع “حشيشة” رمضان قبل الوصول إلى تحضير أكلات وأطباق شعبية شهيرة، حرص على توارثها جيلا بعد جيل اختلفت من ولاية إلى أخرى و من جهة إلى أخرى.
جرت العادة أن يفطر التونسيون على التمر واللبن ليمرّوا بعد ذلك إلى مائدة الإفطار التي تتميز بنكهة خاصة في رمضان، حيث تعدّ المرأة التونسية أطباقًا من أشهى المأكولات تحافظ فيها على عادات التونسيين و تقاليدهم.
في تونس العاصمة يهيأ عادة طبق “الرفيسة” المكون من الأرز المطبوخ بالتمر و الزبيب أو”المدموجة” ورقات من العجين المقلي مفتتة ومحشوة بالتمر والسكر، أما في الشمال الغربي فتحضر العصيدة بالدقيق و العسل و السمن للسحور، و لا يترك أهل الجنوب فرصة هذا الشهر دون تحضير طبق “البركوكش” و هو دقيق يدمج مع الخضر.
و من أبرز الأكلات التونسية التي لا تكاد تغيب عن مائدة الإفطار طوال شهر الصيام طبق “البريك” الذي يتصدر المائدة في كل البيوت، ومن ثمة يأتي دور الحساء و خاصة “حساء الفريك” باللحم أو الدجاج.
و من الأطباق الأخرى الشعبية التي توجد على مائدة الإفطار التونسية “الطواجن” بأنواعها المختلفة، و هي من الأطباق الشعبية المميزة، وتختلف صناعته من منطقة لأخرى، و لكنه يتكوّن أساسا من الجبن أو الموزاريلا مع البيض و البهارات و بعض الخضراوات ونوع من اللحوم.
م.ي