رشح حزب حركة النهضة الأستاذ عبد الفتاح مورو للانتخابات الرئاسية 2019 غير أن هذا الترشيح يثير جملة من التساؤلات حول ظروفه و أسبابه و الهدف منه.
يعلم الجميع أن قائمات الانتخابات التشريعية أثارت لغطا كبيرا وصل إلى حدود غير مسبوقة حيث تجرأ بعض المنتسبين على التهديد بعصيان أوامر القيادة و رغم ذلك فإن راشد الغنوشي لم يتزحزح قيد أنملة عمّا قرّر و بالانتقال إلى بحث الترشيح للانتخابات الرئاسية ظهرت خلافات أخرى هي في حقيقتها رجع صدى لما تم في التشريعية حيث ذهب مجلس الشورى إلى ترشيح قيادي من الحركة و هو ترشيح فيما ظهر لي يمثل استجابة و انحناء للعاصفة التي نتجت عن اختيارات الغنوشي في التشريعية و ذلك بموافقته على ترشيح رفيقه اللدود مورو و أحسب أن الغنوشي يعلم جيدا أن هذا الترشيح سوف يؤدي إلى إخراج المترشح من الساحة السياسية نهائيا لأنه سيكون في مرمى النيران جميعها و لن يصوّت له سوى قسم صغير من خزان الحركة، فمنذ جريمة باب سويقة و اعتراف مورو بوجود تنظيم سري للحركة و خروجه منها صحبة آخرين تعرض إلى هرسلة وصلت إلى حدود الاعتداء عليه بالعنف وطرده في الذكرى الثلاثين للحركة فضلا عن أنه تشكى من أن وجوده في الحركة شكلي إذ لا يشارك في اجتماعاتها و لا في اتخاذ قراراتها و لا يتحمل داخلها أي مسؤولية ذات شأن، و ترشيحه يحمل في تقديري أهداف منها:
1) التخلص من آخر قيادي تاريخي.
2) القيام بحملة انتخابية متواصلة تارة تحت غطاء تشريعي و أخرى رئاسي.
3) التخلص من إحراج باقي المترشحين المتهافتين على مساندة الحركة و الذين لا حظوظ لهم في الحصول على موقع مؤثر في المجلس النيابي القادم، و في تقدير الغنوشي أن مساندة أي مرشح رئاسي يجب أن تكون مقترنة بقدرته على دخول البرلمان/
و يذكر الجميع أن هذه الحالة عالجها الغنوشي في انتخابات 2014 و رغم الاتفاق الحاصل بينه و بين الباجي فإنه صمت عن دعوة منتسبي حركته إلى التصويت للباجي بل ترك لهم حرية الاختيار، إن كان هذا حاله مع مرشح أظهرت الاستطلاعات جميعها أنه سيكون في مرتبة متقدمة في البرلمان فكيف يكون الحال مع من لا يمتلك أي حظوظ في التشريعية؟
4) السقوط المؤكد لمورو يؤدي حتما إلى محاسبة الذين دعوا إلى ترشيح أحد أبناء الحركة و في تقديري أننا بصدد إعداد ملف للتخلص من المشوشين الذين أفسدوا على الغنوشي قيادته مع ما يمكن أن يحمل ذلك من تغيير للقانون الأساسي للحركة و من طرد و إقصاء و تجميد أخفه ما تعرض له و ما زال عبد الفتاح مورو.
و الذي يجب أن نضعه في الاعتبار دائما و أبدا أننا بصدد التعامل مع نحلة دينية لا مجال فيها للاختلاف أو الانتخاب داخلها فالمواقع القيادية و القرارات الأساسية يحدّدها المرشد العام و كل محاولة للتنطع أن إحداث الهرج تعالج كحالة منفردة و أمامكم عشرات ممن أظهروا رفضا أو نقدا للغنوشي ولكنهم الآن خارج الساحة أو عادوا إلى الحركة من الباب الصغير و الأمثلة لا تعد و لا تحصى.