اتٌهم الشاعر الليبي البارز مفتاح العماري إدارة أيٌام قرطاج الشعرية ب”الإهانة ” بسبب دعوته لحضور الدورة الثانية التي ستنطلق يوم الجمعة 22 مارس في أيامها الأخيرة و عدم احترام مكانته الشعرية و عدم إحاطته بتفاصيل البرنامج.
و هذا المقال الذي كتبه و يكشف فيه تفاصيل ما حدث مع إدارة الأيام و يذكر أن الشاعر المصري الكبير أحمد عبدالمعطي حجازياعتذر عن الحضور.
مساء الثلاثاء 19 فبراير الماضي، تلقيت عبر خدمة sms Info رسالة من الشاعر عادل الجريدي (مشكورا) بوصفه عضوا بلجنة تنظيم أيام قرطاج الشعرية، تتضمن دعوتي للمشاركة. دعوة كريمة (في لحظتها) أسعدتني جدا.
استجابة مني لتلبية هذه الاستضافة التي تفضل بها الأشقاء في تونس، أرسلت في غضون ساعات معدودة على البريد الالكتروني ما يفيد بقبول الدعوة و من ثم استعدادي للمشاركة عبر رسالة تالية (ملحق)؛ لإرفاق الوثائق اللازمة (مستنسخ من الصفحة الرئيسة لجواز سفري و ملخص سيرة ذاتية).
انتهى الأمر عند هذا الحد حتى مساء يوم أمس، الأحد 17 مارس 2019 لتصلني تذكرة سفر الكترونية (ذهابا و إيابا) حُدد فيها موعد رحلتي من طرابلس الى تونس يوم 26 مارس أي بعد خمسة أيام من افتتاح أيام قرطاج الشعرية.
كنت قد قبلت الدعوة بامتنان، أولا : إكراما لقداسة الشعر الذي كرست له وفاء استثنائيا، كذلك للخروج من عزلتي التي دامت قرابة عشر سنوات بسبب علل الجسد من جهة، و الأزمات التي يمر بها الوطن من جهة أخرى.
كذلك كان المحرض الأكثر تحفيزا لقبول هذه الدعوة يتعلق بالقيمة الجمالية التي تتمتع بها تونس كوطن ثان أودعته جزءا من ذاكراتي خلال عشريتي الثمانينيات و التسعينيات من القرن الماضي، عبرت عنه مشاركاتي في عديد المناسبات الثقافية تلبية لدعوات شرفت بها من اتحاد الكتاب و وزارة الثقافة و أخرى من مناطق الظل مما ضاعف من ذخيرة الوجدان و كسب أصدقاء أعتز بهم و أحن اليهم و أتابع نشاطهم.
أشير إلى أن الفترة ما بين موافقتي على تلبية الاستضافة و وصول تذكرة السفر التي استغرقت قرابة ستة و عشرين يوما لم أتلق (دعوة رسمية) أسوة ببقية الشعراء المدعوين من خارج تونس.
كذلك لم أخطر بأية إحاطة تتعلق بالاستقبال أو بعنوان الإقامة أو بأجندة المهرجان كإجراء تقليدي متبع في هكذا مناسبات، إجراء يُعفي الضيف من حرج السؤال.
لهذا استعنت بوسائط الانترنت للاطلاع على بعض تفاصيل هذا الحدث الثقافي الدولي، قصد التعرف على البرنامج العام.
خلال دقائق معدودة كنت على إلمام بأهم عناوين هذا الحدث الشعري بداية من حفل الافتتاح و أسماء الشعراء الذين اقترحوا لتدشين اليوم الأول إلي يوم الشعر العربي و أمسيتي الشعر الشعبي مرورا بالمسابقات الشعرية و تلك الحصص التي خصصت لشعراء الضفة الأخرى.
في الأثناء تساءلت عن الحكمة الغامضة التي اقترحت تأجيل حضوري إلى اليوم الخامس من نشاط هذا المحفل و عن المعايير التي سنتها اللجنة المنظمة في إضفاء قيمة احتفالية على من خصتهم بتلك الحظوة دون غيرهم ممن يفوقون بعضهم خبرة و تجربة و قيمة (سواء الذين انتخبوا ليوم الافتتاح أو لليوم الخاص بالشعر العربي) و عن المغزى من إيثار أسماء و تهميش أخرى.
هل المسألة تتعلق بالقيمة الشعرية بوصفها تجربة ذات معنى جمالي و حمولة تاريخية لها ما لها من أرث أصيل يختزن تنوعا و خصوصية فنية و إضافة حقيقية للمتن الشعري تستحق أن يحتفى بها دون غيرها ؛ أم لدى القيمين في اللجنة المنظمة معاييرهم و حساباتهم و أسرارهم الخاصة بهم.
(بكل أسف و خيبة) لم أجد مسوغا لهكذا بروتوكولات مسيئة للشعر. الشعر الذي ينكل به تحت شعار “نحتفي بالشعر.. نحتفي بالحياة”.
فهنا عوض تكريم الجمال تستبدّ الأهواء وحدها حيث لا براء من شبهة تشويه الجمال في محفله.
و هذا ما يحدث حين تفسد النية و تنحرف شعاراتُ الحفل لتتواطأ مع غواية (المصلحة) في حيزها المشخصن و أن لا شيء يبدو نظيفا، أجل لا شيء، بما في ذلك وجه القصيدة التي عوض إنقاذها، تُمرغ في الوحل و تتحول بفعل ثقافة الكسب إلى مسخ كريه.
لهذا و في غياب أي تفسير مقنع كان لا مفر من التراجع عن الوعد و الاعتذار عن المشاركة، أولا : إنصافا للخيال الذي يفترض أن يُعد هذا المحفل بمثابة تكريم له و ثانيا : احتراما لكبر سني و تجربتي الشخصية التي أفتخر بها و أذوّد عنها و ثالثا و أخيرا : إكبارا لمدونة الشعر في ليبيا فلا يليق بنا الإيفاء بوعد قبول الاستضافة طالما لم نلمس حدا أدى من الإنصاف تبعا لأجندة هذا المهرجان التي تضعنا في الخانة المهملة لنكون فقط مجرد هامش مُزدرى.
كنا نظن أن استضافتنا ستحاط بالمكرمة التي نستحقها أي بما يليق بتجربتنا بوصفها قيمة بعيدا عن أية حسابات من خارج الشعر . لهذا أنا حزين. شكرًا أيها الأشقاء.
و ليحيا الشعر ..